في الوقت الذي يعمل فيه السياسيون والمختصون الطبيون حول العالم بلا هوادة للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، يترتب كذلك على المؤسسات الربحية وغير الربحية لعب دورٍ خاصٍ بها للمشاركة في احتواء الجائحة. وبسبب التدابير الاستثنائية في محاولة للحد من انتشار الوباء، فإنه، وفي بعض الحالات، قد تتعرض حقوق الإنسان للمساس.
بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية تفشي وباء فيروس كورونا الجديد في 11 مارس ليصبح جائحة، أصبح من الواجب على الشركات والمؤسسات الربحية وغير الربحية أن تكون جزءًا من الحل، من خلال حماية صحة موظفيها وعملائها، والحد من انتشار فيروس كورونا في محيطها.
يشمل هذا اتباع جميع توجيهات الصحة العامة، حتى وإن أثر ذلك سلبًا على أرباحها، مع ضمان أن تبقى حقوق الأفراد وكرامتهم وخصوصياتهم مصانة قدر المستطاع.
الدليل أدناه يقدم نصائح للشركات والمؤسسات لتتحمل مسؤولياتها الاجتماعية في ظل حالة الطوارئ التي يعيشها العالم اليوم، مع إيلاء اهتمام خاص لحقوق الإنسان.
ينطبق هذا الدليل على الشركات الصغيرة والكبيرة على حدٍّ سواء، رغم من أن العواقب غالبًا ما تكون أكبر على الأولى.
للمشاركة في الجهود العالمية لاحتواء جائحة كورونا وتحمل مسؤولياتها تجاه حقوق الإنسان، على المؤسسات والشركات اتباع التالي:
تبنوا منهجًا مرنًا فيما يخص ساعات وموقع العمل
على الشركات والمؤسسات أن تكون جاهزةً لتعديل سياساتها التشغيلية بما يتناسب مع حالات الطوارئ وتفاقم آثار فيروس كورونا. وحتى في حال غياب قرار الحكومات بإلزام المواطنين بالبقاء في بيوتهم، فعلى الشركات أن تسمح لموظفيها بالعمل عن بعد استجابةً للمخاوف المتعلقة بانتشار الفيروس، كما يجب أن يتم عزل الموظفين والمسؤولين وغيرهم ممن يبلغون باحتمالية تعرضهم للفايروس، وإعطائهم إجازات أو إرسالهم للعمل عن بعد لمدة أسبوعين كاملين، حتى في حال لم تظهر عليهم أعراض مرتبطة بالفيروس كالسعال، والحمى، وغيرها.
تشمل تلك السياسات عدم التدقيق في إجراءات طلبات أذون الإجازات بشكلٍ كبير، والتنازل عن إلزام الموظفين بإحضار تقارير طبية بخصوص حالتهم الصحية، حيث تبقى المشافي وجهات الرعاية الطبية في تلك الأوقات غير قادرة على استيعاب الأعداد الكبيرة من المرضى أو المصابين بالفيروس، وبالتالي يصعب توثيق جميع العمليات بالتقارير الطبية. إلى جانب ذلك، فإن الموظفين الذين يحجرون أنفسهم ولا يستطيعون العمل عن بعد نظرًا لمرضٍ أو ظروفٍ ما، يجب أن يتقاضوا راتبهم حتى في فترة الإجازة المرضية.
تواصلوا، تواصلوا، تواصلوا!
من المهم أن تتواصل الشركات والمؤسسات مع الموظفين والمتعاقدين بشكلٍ علني وواضح فيما يتعلق بالإجراءات المتبعة لاحتواء فيروس كورونا، فيجب أن توضَّح لهم السياسات المتعلقة بشروط العمل والإجازات، بالإضافة للمبادئ التوجيهية المتعلقة بالصحة العامة، وذلك من خلال التواصل معهم عبر البريد الإلكتروني، أو الرسائل النصية، أو الاجتماعات الافتراضية. كما يجب تذكير الموظفين بإجراءات السلامة وإطلاعهم على الإجراءات التي تهدف لتقليل خطر التعرض للفيروس سواء خلال عملهم في مقر الشركة أو المؤسسة، أو خلال بقائهم في منازلهم. وفي جميع الأحوال، يجب أن تُبقي المؤسسة سجلًا مُحدثًا بأرقام التواصل وتفاصيل الطوارئ الخاصة بموظفيها.
استخدموا بيئة العمل للتثقيف والتدخل الصحي
يعد مكان العمل بيئة مثالية للتثقيف والتدخل الصحي، من خلال توظيف المواقع الإلكترونية، والمكالمات الجماعية، وندوات الويب، ورسائل البريد الإلكتروني و/أو الرسائل النصية، للتأكد من أن الموظفين وغيرهم من أصحاب المصلحة على دراية بخطورة الجائحة، وطرق الحد من انتشار الفيروس. يتم ذلك عن طريق تذكيرهم بتنظيف أيديهم بمطهرات كحولية تحتوي على 60٪ على الأقل من الكحول، أو استخدام الماء والصابون لمدة 20 ثانية على الأقل في كل مرة يخرجون فيها أو يعودون إلى منازلهم أو مكاتبهم أو يلامسوا أجسامًا مثل الهواتف المحمولة، بالإضافة إلى تحذيرهم من لمس الوجه، وتزويدهم بالمطهرات والصابون والمناديل أحادية الاستخدام لتشجيع النظافة. إلى جانب ذلك، من المهم تطهير الأجسام والأسطح التي يكثر لمسها بشكلٍ روتيني في مكان العمل، كما يجب فصل الموظفين الذين تظهر عليهم أعراض الحمى و/أو أية أعراض تتعلق بالجهاز التنفسي مثل (ضيق في التنفس أو السعال) عن الأشخاص الآخرين قدر الإمكان وإحالتهم للفحص.
امنعوا التمييز والوصم والعنصرية
تتطلب الوقاية الفعالة تتبع مخالطة الأشخاص للمرضى وحاملي الفيروس والأشخاص المحجورين صحيًا، الأمر الذي يعني أنه يجب معرفة هويات حاملي الفيروس والتحذير من مخالطتهم خلال فترة الحجر الصحي. مع ذلك، من المهم أن تتأكد الإدارات والمسؤولون في الشركات والمؤسسات التي تضم موظفين أو عاملين مصابين بالفيروس من الحفاظ على سرية معلوماتهم الشخصية للدرجة القصوى، بحيث لا يتعرضون للوصم أو التمييز ضدهم. وبالمثل، يجب مراقبة أي معاملة سيئة للأفراد الآسيويين نظرًا لارتباطهم الملحوظ بمكان الوباء وتعرضهم سابقًا للتمييز العنصري على خلفية ذلك. إلى جانب ذلك، يجب أن يكون الموظفون والمتعاقدون آمنين ومحميين من العواقب السلبية لإثبات معلوماتهم الشخصية عند الحاجة، بمن في ذلك المهاجرون وطالبو اللجوء.
احترموا حقوق الأفراد
في حين قد تملي الصحة العامة فرض قواعد مثل إغلاق صالات الرياضة الخاصة بالشركة، والحجر الصحي الصارم للأشخاص الذين تظهر عليهم الأعراض، إلا أنه من الواجب احترام حقوق الأفراد وخصوصياتهم والحفاظ عليها في جميع الأحوال. وفي الحالات التي يتوجب فيها اتخاذ إجراءات قد تبدو قاسية بهدف الحفاظ على الصحة العامة، فيجب تقديم توضيح صريح ومعلن بهذا الخصوص.
شاركوا سياساتكم وخبراتكم المفيدة
جزء من المسؤولية الجماعية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد هو أن تكون الشركات على استعداد للمشاركة والتعاون مع الوكالات الحكومية ومقدمي خدمات الرعاية الصحية والشركات الأخرى سواء في نفس المجال أو من خلال سلسلة التوريد. من المهم مشاركة السياسات المرنة والإجراءات الاحترازية التي تتبناها الشركة وحث الشركاء والمؤسسات التي يتم التعامل معها على اتباعها بشكلٍ يضمن الحقوق للجميع.