لندن- تتابع مؤسسة إمباكت الدولية لسياسات حقوق الإنسان، بقلق بالغ طرح مشروع قانونين في الجزائر من شأنهما تقييد حق الاحتجاج النقابي بما في ذلك اللجوء إلى الإضراب في انتهاك صريح للمواثيق الدولية لحقوق العمال.
وقالت مؤسسة الفكر ومقرها لندن، إن مسودتي القانونين المتعلقين بممارسة الحق النقابي وقانون الوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وحق الإضراب، اللتين أحالتهما الحكومة إلى البرلمان، تحمل مساساً خطيراً بالحقوق الدستورية والحريات النقابية في الجزائر.
وبحسب متابعة إمباكت يشدد القانونان المقترحان شروط إنشاء النقابات والاعتراف بتمثيلها، ومنها انخراط ثلث العمال المراد لها تمثيلهم، ويهددان النقابات التي تنفذ إضرابات من دون احترام الإجراءات القانونية بالحل والشطب من النشاط.
إضافة إلى ذلك يمنع القانونان المضربين من احتلال أماكن العمل أو المؤسسات، وفي المقابل يتيحان للسلطات منعاً موقتاً للإضراب واللجوء إلى فرض التسخير القسري للعمال والموظفين والمستخدمين في بعض القطاعات بمقتضى ظروف معينة، إضافة إلى منع النشاط السياسي للقياديين النقابيين باعتبار أن تفرغهم للعمل النقابي سيكون على عاتق النقابات لناحية أجورهم الشهرية وليس المؤسسات التي يعملون فيها.
يشدد القانونان المقترحان شروط إنشاء النقابات والاعتراف بتمثيلها، ومنها انخراط ثلث العمال المراد لها تمثيلهم، ويهددان النقابات التي تنفذ إضرابات من دون احترام الإجراءات القانونية بالحل والشطب من النشاط.
وتجري لجنة الصحة والشؤون الاجتماعية والعمل والتكوين المهني نقاشات أولية حول مسودة ممارسة الحق النقابي والحق في الإضراب، قبل إحالتهما إلى جلسة النقاش العام.
وتابعت إمباكت إصدار 31 نقابة مستقلة في قطاع الوظيفة العمومية في الجزائر بيانا يطالب بسحب مشروعي القانونين لمساسهما الخطير وغير المسبوق بالحقوق والحريات النقابية ومخالفتهما الدستور والاتفاقيات الدولية.
وأبرز البيان أن إعداد هذين القانونين تم من دون منح النقابات العمالية "حق المشاركة في مناقشتهما علماً أنها المعنية الأولى بتطبيقهما على أرض الواقع"، ودعت كافة القواعد النقابية والعمالية للاستعداد لتصعيد الموقف.
من جهتها أعلنت الفروع النقابية للاتحاد العام للعمال الجزائريين، النقابة المركزية في البلاد، عن سلسلة بيانات ترفض مسودة قانون ممارسة الحق النقابي.
وأصدرت قيادة الاتحاد بياناً، أبرزت فيه أنه لم يتم إشراكها في التحضير لمشروعي القانون المقترحرين، وأن "مواد المشروعين تتنافى مع الاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر، والدستور الجزائري في ما يخص الحقوق المدنية والسياسية".
وفي السياق، وصفت النقابة الوطنية لممارسي الصحة العمومية المسودات الجديدة بـ"الخطيرة"، مشيرة إلى أنه "إلى جانب التضييق المباشر على حرية الممارسة النقابية من خلال مشروع قانون جديد يحدد شروط العمل النقابي، فهناك مشروع قانون آخر لا يقل خطورة كونه يعد تقييداً لحق أساسي من حقوق المواطن الدستورية، وهو حق الإضراب".
في المقابل صرح وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي الجزائري يوسف شرفة أن مشروعي القانونين المقترحين يهدفان إلى "تجسيد مقتضيات دستور 2020 المتعلقة بحماية الحريات وضمان الحقوق الأساسية للعمل من أجل كفالة الحق النقابي لجميع العمال والمستخدمين".
وذكر شرفة أنه “تم تكييف أحكام مشروعي القانونين مع المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان واتفاقيات منظمة العمل الدولية التي صادقت عليها الجزائر لاسيما الاتفاقية رقم 87 بشأن الحرية النقابية وحماية الحق النقابي والاتفاقية الدولية للعمل رقم 98 بشأن حق التنظيم والمفاوضة الجماعية".
من جهتها تحث إمباكت السلطات الجزائرية المختصة وأعضاء البرلمان على مراجعة مواد القانونين المقترحين لاسيما المواد التي تتنافى مع مضامين الدستور، والحرص على تجسيد هامش أكبر من الديمقراطيات والحريات والحقوق النقابية في الممارسة النقابية، بما يساهم في ترقية مناخ العمل.
وتؤكد أمباكت أن مسودات القوانين المتعلقة بممارسة الحق النقابي والوقاية من النزاعات الجماعية في العمل وحق الإضراب، تمثل نقطة فارقة في علاقة السلطة بالنقابات التي انتفضت في وجه المشاريع المطروحة على مستوى البرلمان، واعتبرتها تضييقاً على حرية العمل النقابي.